قانون القمار في البحرين

فيصل الزدجالي

حول فيصل الزدجالي , رئيس تحرير

آخر تحديث:

Intro image
يعتبر القمار عبر الإنترنت والمراهنات الرياضية من القضايا المثيرة للجدل في العالم العربي خاصة في مملكة البحرين، حيث تتأثر القوانين المتعلقة بهما بشكل كبير بالثقافة والقيم الدينية الإسلامية. في الدين الإسلامي، يعتبر القمار من المحرمات لأنه يقوم على الحظ والمخاطرة، مما يؤدي إلى خسائر مالية واجتماعية جسيمة. لهذا السبب، تفرض العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، من بينها البحرين، قيودًا صارمة على ألعاب القمار والكازينوهات التقليدية والإلكترونية، مما ينعكس على سياسات الترخيص وتنظيم هذه الصناعة. تستند هذه التشريعات في دولة البحرين إلى القيم الأخلاقية والدينية التي تهدف إلى حماية الأفراد والمجتمعات من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، يثير هذا التقييد نقاشًا حول تأثيره على التطور الرقمي، خاصة مع انتشار المنصات العالمية التي توفر إمكانية الوصول إلى هذه الخدمات بسهولة.

نظرة عامة على موقف البحرين من القمار

تعد البحرين من الدول التي تتأثر قوانينها بشكل كبير بالسياق الثقافي والديني السائد في المجتمع. يعتبر الإسلام الدين الرئيسي في البلاد، وقد شكلت المبادئ الإسلامية، وخاصة تلك التي تتعلق بالشريعة، الأساس الرئيسي للتشريعات المحلية، بما في ذلك قوانين المراهنات.

بناءً على ذلك، تحظر البحرين القمار والمراهنات، حيث يُعتبران من الأنشطة المحرمة وفقًا للتعاليم الدينية الإسلامية. يعتبر القمار في الثقافة البحرينية مخالفة للأخلاقيات العامة، ويترتب على ممارسة هذه الأنشطة، غير المقبولة، تبعات قانونية تشمل العقوبات.

تأخذ السلطات البحرينية هذه القيم بعين الاعتبار عند صياغة التشريعات المتعلقة بالمراهنات، هذا ما يعكس تأثير الثقافة والدين في تشكيل القوانين المحلية.

الوضع القانوني للقمار في البحرين

  • جميع مواقع الكازينو في البحرين تخضع للتقاليد القانونية الإسلامية الصارمة والمعايير الثقافية السائدة في المنطقة العربية. قوانين البحرين الحالية تحظر جميع أنواع القمار بشكل قاطع وصريح بموجب الشريعة الإسلامية في البحرين. لذلك، لا يمكن العثور على أي كازينو أو مكتب مراهنات أو أي مؤسسة قانونية لألعاب القمار في هذا البلد.

    الالتزام الصارم بالمبادئ الإسلامية يعني أن هذا البلد يملك قوانين صارمة، وهو القانون الجنائي البحريني الذي يحظر تمامًا جميع أنشطة القمار في البلاد. تشمل هذه القوانين العقوبات على الأفراد المتورطين في هذه الأنشطة، والتي قد تصل إلى غرامات أو عقوبات أكثر تشددًا في حال انتهاك هذه القوانين.   

    تمت الموافقة في البرلمان البحريني على عقوبة السجن لمدة ثلاثة أشهر وغرامة قدرها 300 دينار بحريني للأشخاص الذين يتم القبض عليهم في حالة لعب قمار في الأماكن العامة. إذا تم القبض على لاعب في حالة لعب قمار، فسيتم الحكم عليه بالسجن لمدة عام وغرامة قدرها 500 دينار بحريني. أما أولئك الذين يديرون قاعات للقمار أو ينظمون أنشطة قمار، فسيتم فرض غرامة قدرها 1,000 دينار بحريني وعقوبة سجن لمدة عام. بالإضافة إلى ذلك، سيغلق الحكومة النقاط التي تنظم أنشطة القمار وتلغي تراخيصها.

    يمكن لعشاق المراهنات الرياضية بالمال الحقيقي التوجه إلى مواقع المراهنات الرياضية عبر الإنترنت في الخارج، ولكن حتى هذا قد يكون صعبًا لأن البحرين تمارس رقابة عالية على الإنترنت. يقوم البلد بحظر جميع المواقع الإلكترونية المتعلقة بأنشطة القمار، ولكن بعض السكان يتجاوزون هذه المشكلة باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN).

التأثير الديني على التشريعات الخاصة بالقمار

تؤكد المادة 2 من دستور البحرين أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. تعتبر المقامرة من الأنشطة المحرمة في الشريعة الإسلامية، حيث يُنظر إليها كوسيلة للربح السهل دون جهد، مما يتعارض مع مبادئ العمل والعدالة. وقد ورد تحريمها في القرآن الكريم في عدة آيات، منها قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (المائدة: 90).

بناءً على هذا التحريم، تتبنى العديد من الدول الإسلامية قوانين تحظر جميع أشكال المقامرة، سواء كانت تقليدية أو عبر الإنترنت. على سبيل المثال، في البحرين، يُعتبر القمار غير قانوني، وتُفرض عقوبات على من يُضبط وهو يمارس هذه الأنشطة.

تُظهر هذه التشريعات التزام الدول الإسلامية بمبادئ الشريعة الإسلامية في تنظيم الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك تحريم المقامرة. يُعتبر هذا التحريم جزءًا من الجهود الرامية إلى الحفاظ على القيم الأخلاقية والاقتصاد المستدام في المجتمعات الإسلامية.

أنواع القمار والتفسيرات القانونية 

تُعرّف المقامرة على أنها نشاط يتضمن القمار أو المراهنة على شيء ذي قيمة، مع الوعي بالمخاطر والأمل في المكاسب، على نتيجة لعبة أو مسابقة أو حدث غير مؤكد قد يتحدد عن طريق الصدفة أو الحظ.

تنقسم المقامرة إلى عدة أنواع رئيسية، بما في ذلك:

  •  المراهنات الرياضية: وضع رهانات على نتائج الاحداث الرياضية.
  • الكازينوهات: ألعاب حظ مثل الروليت، البلاك جاك، والبوكر.
  • اليانصيب: شراء تذاكر للمشاركة في سحوبات عشوائية.
  • المراهنات على السباقات: مثل سباقات الخيل والكلاب
  • المراهنات عبر الإنترنت: تشمل المراهنات الرياضية، الكازينوهات، واليانصيب التي تتم عبر منصات رقمية.

تختلف المنصات الأرضية والالكترونية في عدة جوانب رئيسية. أولاً، فيما يتعلق بالتواجد والوصول، تتطلب الكازينوهات التقليدية التواجد الشخصي للعب، بينما توفر الكازينوهات عبر الإنترنت إمكانية الوصول إليها من أي مكان في العالم بكل سهولة.

بالإضافة إلى ذلك، يختلف التفاعل الاجتماعي بين النوعين؛ ففي الكازينوهات التقليدية، يتم التفاعل بشكل مباشر بين اللاعبين، في حين أن الكازينوهات عبر الإنترنت توفر تفاعلاً افتراضياً من خلال منصات الدردشة أو الواجهات الرقمية.

من حيث التنوع والراحة، تقدم الكازينوهات عبر الإنترنت مجموعة واسعة من الألعاب المتاحة على مدار الساعة، مما يوفر راحة إضافية للاعبين. بالمقابل، تقتصر الكازينوهات التقليدية على ساعات عمل محدودة وقد تكون الألعاب المتوفرة فيها أقل تنوعاً.

أخيراً، فيما يتعلق بالرقابة والتنظيم، عادة ما تخضع الكازينوهات التقليدية لرقابة شديدة من السلطات المحلية، بينما تواجه الكازينوهات عبر الإنترنت تحديات أكبر في تنظيم ورقابة أنشطتها، خاصة في الحالات التي تتعلق بالوصول عبر الحدود الجغرافية. وللتقليل من هذه المخاطر، تعتمد الكازينوهات عبر الإنترنت إجراءات اعرف عميلك للتحقق من هوية المستخدمين ومصادر أموالهم.

في القانون الجنائي البحريني، يُعرف "اللعب" بأنه "لعبة يعتمد فيها المكسب أو الخسارة على الحظ بدلاً من العوامل التي يمكن التحكم فيها". وينبغي على اللاعبين الاطلاع على اعرف حقوقك كلاعب لضمان حماية مصالحهم وامتثالهم للقوانين، ويشمل ذلك ألعاب القمار التي تم تحديدها في المادة 308 من القانون الجنائي البحريني، حيث تنص على أن "أي شخص يلعب في مكان عام يعرض نفسه لعقوبة السجن التي لا تتجاوز 3 أشهر أو غرامة لا تتجاوز 300 دينار بحريني".

من ناحية أخرى، يُعتبر الميسر، الذي يشمل ألعاب الكازينو وبعض المعاملات التجارية، محرمًا في البحرين. تجدر الإشارة إلى أن بعض مواقع المراهنات عبر الإنترنت في المملكة تقبل العملات المشفرة، مما يضيف مستوى آخر من الخصوصية، ويجعل من الصعب مراقبة ومعاقبة الانتهاكات المتعلقة بقوانين القمار.

وعلى الرغم من الحظر الكامل على ألعاب القمار، شهدت البحرين تطورات في مجالات أخرى، مثل السياحة، وفي هذا الإطار، قامت البحرين بفتح أبوابها لسباقات الخيل الدولية. وفي خطوة قد تساهم في تعزيز المنافسات الرياضية العالمية التي تجذب السياح، تجري البحرين مفاوضات لإدخال شركات مراهنات دولية إلى البلاد، مما يتيح تنظيم المراهنات وألعاب القمار على سباقات الخيل. مع ذلك، يعترف المسؤولون بأن البحرين بحاجة إلى وضع نظام مراهنات منظم لجذب السياحة المتوقعة من سباقات الخيل، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.

الخاتمة 

تستمر البحرين في تبني سياسة قانونية صارمة ضد المقامرة، متأثرة بالمبادئ الدينية والثقافية التي تحظر أي نوع من أنواع القمار والمراهنات.

بمكن للمستخدمين من دولة البحرين القمار عبر الإنترنت بحذر و أمان و الحفاظ على خصوصيته. من ذلك استخدام شبكة افتراضية VPN عند المقامرة على مواقع كازينوهات خارجية لحماية عنوان IP الخاص به. بالإضافة إلى ذلك، يجب استخدام المحافظ الإلكترونية و العملات الرقمية للقيام بالمدفوعات. يجب تجنب الأساليب المصرفية التقليدية التي قد يستخدمها اللاعب في أنشطة أخرى عبر الإنترنت، مثل التسوق.

في المستقبل، قد تكون لدى مملكة البحرين فرصة أكبر قليلاً لتخفيف قوانين القمار وتنظيم صناعة القمار عبر الإنترنت مقارنة بالعديد من الدول الأخرى في المنطقة العربية.